أحداث

الوقت وعمر الانسان - كتاب التفكر في قوانين الحياة

الوقت وعمر الانسان

في يوم من الايام كنت وحيداً في غرفة هادئة وفيها ساعة اسمع دقات عقاربها وهي تمر مع كل ثانيه، كنت اسمعها وكأني اسمع قلبي ينبض واخاف عليه من الوقوف فجأة!!!

لتحميل كتاب التفكر في قوانين الحياة PDF

 اضغط هنا

  فصرت أعد تلك الدقات بتمعن وهي تمضي قدماً وبدون تأخير او توقف وعندها راودني شعور مخيف جداً لقد تذكرت بأن دقات عقارب الساعات هي فعلاً دقات ونبضات قلبي!! دقات عمري وحياتي!!،
   عرفت حينها بأني اخسر مع كل دقه وقت ثمين من عمري، سألت نفسي لماذا لا نشعر بمرور كل هذه الدقات والزمن من عمرنا؟ هل نحن منشغلون تماماً عنها!!! حينها ايقنت بأننا مستسلمون في الواقع لها وصرنا نعتبرها امر مسلم لا نستطيع التحكم فيه!!! فعلاً انه امر مسلم لا نستطيع التحكم فيه!!! ولكن ماذا نعمل في اوقات حياتنا التي سيسلنا الله عنها يوم القيامة!!! وماذا لو توقفت دقات عقارب ساعات عمرنا القصير!!! 
  حينها تذكرت وتعجبت امر بعض الناس عندما تجدهم يحتفلون بمرور أعمارهم "اعياد الميلاد" فتجدهم يعملون ويأكلون أفضل الحلويات ويلبسون افضل الألبسة ويحاولون ان يجعلوا ذاك اليوم من أجمل ايامهم في الحياة، رغم من انه يذكرهم بمرور ومضي وانتهاء عاماً كاملً من اعمارهم!!! فسألت نفسي مستغرباً هل هم سعداء فعلاً بمرور أعمارهم؟!! ام انهم يعتبرون مضي عام من حياتهم هدفاً وانجازً عظيم حققوه ويحبون العمر الطويل!! ام أنها صارت ك الموضة والعادات الشائعة بين الناس دون انتباه للموضوع الاساسي وهو مرور عمرهم الثمين!! ام انهم يحاولون ان يتناسوا ما مضى بالفرح والاحتفالات!! ام انهم قاصدين ان يطوون صفحات عامهم الماضي ليفتحوا صفحات جديده مليئة بالأمل للأعوام القادمة!!،
  تذكرت نفسي حينها وقلت انا بالنسبة لي يوم ميلادي اعتبره أحزن يوم في حياتي لأنه يذكرني بمضي عام من عمري الثمين!!! ليس حباً في هذه الدنيا!! ولكن خوفاً على طفولتي وشبابي وماذا انجزت في حياتي!!! وخوفاً كذلك من ان يطول!! فتذكرت ان شعوري بالحزن بذكرى يوم ميلادي ليس من الان!!! انما من ايام طفولتي من حينها وأنا لا أحب هذا اليوم واخاف منه كثيراً، في الماضي كنت اخاف على حلاوة الدنيا، وذلك عندما كنت طفلاً وأجهل الكثير من الامور!!!
  اما الان وبعد تفكيري الكثير والمتكرر في هذا الموضوع فصرت اخاف من مضي العمر تفكراً فيما انجزت لنفسي ولمن حولي وللآخرة فيما مضى من عمري!!! فعلاً ان الامر محير ومخيف لو تعمقنا لمثل هذا الموضوع من جميع الجوانب!! عندما نتعمق في هذا الموضوع تراودنا أسئلة كثيره!!! هل نحن نحب طولً في اعمارنا؟ ولماذا نخاف من مضي عمرنا؟ وماذا لو طال عمرنا؟ 
  اعتقد بان حب طول العمر لغير المسلمين اكثر انتشاراً من المسلمين قال تعالى (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب) البقرة / 212 ، لإن المسلمين يعتبرون الدنيا مجرد حياة مؤقته للاختبار وان السعادة والحياه الحقيقية هي دار الآخرة قال تعالى (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُون) الأنعام / 32.
  وقد يختلف هذا من شخص الى آخر فهناك من يحب طول العمر سوا كان مسلم او غير مسلم غني او فقير، ولكن في الاغلب يكون الاغنياء والذين يعيشون حياه الرفاهية المالية والصحية او بعض من المسلمين الضعاف الذين لا يهتمون كثيراً بأمور دينهم هم الذين يحبون طول العمر.
  ولكن لو نتعمق قليلاً لوجدنا بان طول العمر قد يكون له ايجابيات ولكن له من السلبيات الكثير حسب اعتقادي، فاغلب المسنين تقل عقولهم وبصيرتهم ويصيرون عبئ على الاخرين، حتى ان البعض يصبح اهله يكرهونه من هرمه او بسبب ثقالته عليهم فلذلك تجد اغلب الأبناء في الدول الغربية يضعون ابائهم في دار للمسنين بدل الاهتمام بهم.
  ولكن الله من كرمه على الانسان انه وضع قانون ان المسلم يهتم بوالديه في الكبر فقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً)سورة الاسراء الآية 23-24.
  ذاك كان من جانب واما الجانب الاخر صحة طويلين العمر او المسنين تكون في الغالب متدهورة ويعيشون حياه صعبه بسبب ضعف صحتهم والبعض منهم يتعب ويعاني كل يوم من اشد الآلام والمتاعب الصحية والعجز، وهناك الكثير من الامور والجوانب السلبية لطول العمر، فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) سورة يس الايه 68، سبحان الله رب العرش العظيم.
  اذاً ما دمنا نخاف من طول العمر!! فلماذا كذلك نخاف من مضي عمرنا؟ في الحقيقة البعض قد يخاف على مضي عمره لأنه يعتقد بانه يستمتع بعمرة ويعتقد بأنه سعيد رغم كون الدنيا ليس فيها سعادة مطلقة، ففي طفولتي وعندما كنت أجهل الكثير من الامور وفي بدايات شبابي.. كنت أحب طول العمر وكنت أحب من يقول لي طول الله في عمرك!!! 
كتاب التفكر في قوانين الحياة
  اما الان ومنذ حوالي سنتين تقريباً وبعد ان فكرت للموضوع من جوانب عديده ومرات متكررة فقد صرت أكره ان يقال لي طول الله في عمرك او "طال عمرك"!!! لأني صرت اخاف يوماً ما ان أثقل على أحد او تقل حسناتي بإيذائي للأخرين بهرمي في كبري والكثير من السلبيات.. فبدل طول الله في عمرك اعتقد انه من الأفضل ان ندعي بالقول طول الله في صحتك وعافيتك.
  مع كل هذا فهناك من طال عمره وصحته جيده بفضل الله، والاهم من هذا هناك من طال عمره وحسنت عبادته لله وحث الاخرين على ذلك وعلى فعل الخير، فاللهم انا نسئلك حسن الخاتمة ونسألك الرحمة يا الله يا ارحم الراحمين.